كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال بعض العارفين‏:‏ يجب التدقيق في فهم كلام النبوة ومعرفة ‏[‏ص 152‏]‏ ما انطوى تحته من الأسرار ولا تقف مع الظاهر فالمحقق ينظر ما سبب حصول القهر من الرجال فيجده من الحجاب عن شهود كونه سبحانه هو المحرك لهم حتى قهروه فيرجع إلى ربه فيكفيه قهرهم والواقف مع الظاهر لا يشهده من الحق بل من الخلق فلا يزال في قهر ولو شهد الفعل من اللّه لزال القهر ورضي بحكم اللّه فما وقعت الاستعاذة إلا من سبب القهر الذي هو الحجاب‏.‏

- ‏(‏حم ق ن‏)‏ كلهم ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك بألفاظ متقاربة واللفظ للبخاري‏.‏

1554 - ‏(‏اللّهم أحييني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين‏)‏ يوم القيامة هكذا هو ثابت في الأصول أراد بالمسكنة هنا مسكنة القلب لا المسكنة التي هي نوع من الفقر كما سبق وقال ابن حجر‏:‏ أراد بفرض ثبوته أن لا يتجاوز الكفاف‏.‏

تمام الحديث عند الترمذي فقالت عائشة لم يا رسول اللّه قال لأنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفاً يا عائشة لا تردي مسكيناً ولو بشق تمرة يا عائشة حبي المساكين وقربيهم فإن اللّه يقربك يوم القيامة انتهى بنصه‏.‏

- ‏(‏عبد بن حميد ه‏)‏ كلاهما ‏(‏عن ابن سعيد‏)‏ الخدري ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة كلاهما ‏(‏عن عبادة‏)‏ بن الصامت وزعم ابن الجوزي وضعه وردّه ابن حجر كالزركشي وأطال‏.‏

1555 - ‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من العجز‏)‏ ترك ما يجب فعله من أمر الدنيا ‏(‏والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر‏)‏ وما فيه من الأهوال الفظيعة والأشكال الشنيعة، سأله إرشاداً لأمّته ليقتدوا به في سؤاله لينجو منه ‏(‏وأعوذ بك من فتنة المحيا‏)‏ الابتلاء مع عدم الصبر والرضى والوقوع في الآفات والإصرار على الفساد وترك متابعة طريق الهدى ‏(‏و‏)‏ من فتنة ‏(‏الممات‏)‏ سؤال منكر ونكير مع الحيرة والخوف وهذا تعليم للأمة كما مر غير مرة‏.‏

- ‏(‏حم ق 3 عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

1556 - ‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر‏)‏ أي عقوبته ‏(‏وأعوذ بك من عذاب النار‏)‏ نار جهنم تعميم بعد تخصيص كما أن تالييه تخصيص بعد تعميم وهو قوله ‏(‏وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات‏)‏ قال القاضي‏:‏ المحيا مفعل من الحياة والممات مفعل من الموت وفتنة المحيا ما يعتري الإنسان حال حياته من البلاء والمحن وفتنة الممات شدة سكرة الموت وسؤال القبر وعذابه ‏(‏وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال‏)‏ فإنها أعظم الفتن وأشد المحن ولذلك لم يبعث اللّه نبياً إلا حذر أمته منه وفيه ندب التعوذ مما ذكر بعد الفراغ من التشهد أي الأخير كما صرح به في رواية مسلم بخلاف الأول لبنائه على التخفيف خلافاً لمن زعم أنه فيهما وكأنه لم يطلع على رواية مسلم وفيه إثبات عذاب القبر وهو مذهب أهل الحق خلافاً للمعتزلة وذكرت فتنة المسيح مع شمول فتنة المحيا والممات لها لعظمها وكثرة شرها أو لكونها تقع في محيا جماعة مخصوصة وهم الموجودون حال خروجه‏.‏

- ‏(‏خ ن عن أبي هريرة‏)‏ قال‏:‏ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا فرغ أحدكم من التشهد - أي الأخير - فليستعذ باللّه من أربع يقول اللّهم إلخ‏.‏

‏[‏ص 153‏]‏ 1557 - ‏(‏اللّهم إني أتخذ عندك عهد‏(‏1‏)‏‏)‏ أي وعداً وعبر به عنه تأكيداً وإشعاراً بأنه من المواعيد التي لا يتطرق إليها الخلف كالمواثيق ولذا أستعمل فيه الخلف فقال ‏(‏لن تخلفنيه‏)‏ للمبالغة وزيادة التأكيد ذكره القاضي‏.‏ وقال التوربشتي‏:‏ العهد هنا الإيمان أسألك إيماناً لن تجعله خلاف ما أرتجيه فوضع الاتخاذ موضع السؤال تحقيقاً للرجاء‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ أصله طلبت منك حاجة تسعفي إياها ولا تخيبني فيها فوقع العهد الموثق محل الحاجة مبالغة في تحقيق قضائها ووضع لن تخلفنيه محل لا تخيبني نظراً إلى أن الألوهية منافية لخلف الوعد ‏(‏فإنما أنا بشر‏)‏ أي خلق إنسان قدمه تمهيداً لعذره أي يصدر مني ما هو من لوازم البشرية من الغضب ثم شرع يبين ويفصل ما التمسه بقوله ‏(‏فأيما مؤمن‏)‏ الفاء جواب شرط محذوف أي إن كنت سببت مؤمناً فأيما مؤمن ‏(‏آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته‏)‏ تعزيراً له ‏(‏فاجعلها‏)‏ أي الكلمات المفهمة شتماً أو نحو لعنة ‏(‏صلاة‏)‏ أي رحمة وإكراماً وتعطفاً ‏(‏وزكاة‏)‏ أي طهارة من الذنوب ‏(‏وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة‏)‏ ولا تعاقبه بها في العقبى والمراد أسألك أن تجعله خلاف ما يراد منه بأن تجعل ما بدا مني تطهيراً ورفع درجة للمقول له ذلك‏.‏ واعلم أن الذي رأيته في نسخ الكتاب أثبت أو في شتمته وما بعده وفي المصابيح بغير عطف وعليه قال القاضي‏:‏ قابل أنواع الفظاظة والإيماء بما يقابلها من أنواع التعطف والألطاف وعد الأقسام الأول متناسية بغير عطف وذكر ما يقابلها بالواو لما كان المطلوب معارضة كل واحدة من تلك بهذه فإن قيل يجيء أنه لم يكن لعاناً‏(‏2‏)‏ وأن صيغة المبالغة في مقام المدح يقتضي تفي أصل الفعل فما فائدة هذا مع كون الشتم واللعن من الفحش وهو غير فاحش‏؟‏ فالجواب أن المعنى إن وقع مني ذلك فاجعله كذا ولا مانع من فرض ما لا يقع إلا نادراً‏.‏

- ‏(‏ق‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ بألفاظ متقاربة واللفظ لمسلم أقرب‏.‏

------------------------

‏(‏1‏)‏ سببه كما في مسلم من حديث عائشة قالت دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فسبهما ولعنهما فلما خرجا قلت أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت اللّهم إنما بشر فأي المسلمين إلخ‏.‏

‏(‏واستشكل هذا بأنه لعن جماعة كثيرة منهم المصور والعشار ومن ادعى إلى غير أبيه والمحلل والسارق وشارب الخمر وآكل الربا وغيرهم فيلزم أن يكون لهم رحمة وطهوراً، وأجيب بأن المراد هنا من لعنه في حال غضبه بدليل ما جاء في رواية فأيما رجل لعنته في غضبي وفي رواية لمسلم إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهوراً، أما من لعنه ممن فعل منهياً عنه فلا يدخل في ذلك‏.‏ فإن قيل كيف يدعو صلى اللّه عليه وسلم بدعوة على من ليس لها أهل‏؟‏ أجيب بأن المراد بقوله ليس لها بأهل أي عندك في باطن أمره لا على ما يظهر مما يقتضيه حاله وجنايته حين دعا عليه، فكأنه يقول من كان في باطن أمره عندك أنه ممن ترضى عنه فاجعل دعوتي عليه التي اقتضاها ما ظهر لي من مقتضى حاله هي طهوراً وزكاة‏.‏ وهذا معنى صحيح لا إحالة فيه لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان متعبداً بالظاهر وحساب الناس في البواطن على اللّه اهـ‏.‏

------------------------

1558 - ‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من الكسل والعجز والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر وفتنة الدجال اللّهم آت‏)‏ أعط ‏(‏نفسي تقواها‏)‏ أي تحرزها عن متابعة أهوى وارتكاب الفجور ذكره القاضي‏.‏ وقال الطيبي‏:‏ ينبغي أن تفسر التقوى بما يقابل الفجور كما في آية ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ وهي الاحتراز عن متابعة الهوى والفواحش لأن الحديث كالتفسير والبيان للآية فدل قوله آت على أن الإلهام في الآية هو خلق الداعية الباعثة على الاجتناب عن المذكورات ‏(‏وزكها‏)‏ طهرها من كل خلق ذميم ‏(‏أنت خير من زكاها‏)‏ أي من جعلها زاكية يعني لا مزكي لها إلا أنت فإنه تعالى هو الذي يزكي النفوس فتصير زاكية أي عاملة بالطاعة فاللّه هو المزكي والعبد هو المتزكي‏.‏ قال الطيبي‏:‏ فإسناد التزكية إلى ‏[‏ص 154‏]‏ النفس في الآية هو نسبة الكسب إلى العبد لا خلق الفعل كما زعمه المعتزلة لأن الخبر به يقتضي المناسبة المشاركة بين كسب العبد وخلق القدرة فيه قال الحراني‏:‏ والتزكية اكتساب الزكاة وهي نماء النفس بما هو لها وهو بمنزلة الغذاء للجسم ‏(‏أنت وليها‏)‏ التي يتولاها بالنعمة في الدارين ‏(‏ومولاها‏)‏ سيدها وهذا استئناف على بيان الموجب وأن إيتاء التقوى وتصليح التزكية فيها إنما كان لأنه هو المتولي أمرها وربها ومالكها فالتزكية إن حملت على تطهير النفس عن الأفعال والأقوال والأخلاق الذميمة كانت بالنسبة إلى التقوى مظاهرة ما كان مكمناً في الباطن وإن حملت على الإنماء والإعلان بالتقوى كانت تحلية بعد التخلية فإن المتقي شرعاً من اجتنب النواهي وأتى بالأوامر‏.‏

‏(‏اللّهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع‏)‏ أي علم لا أعمل به ولا أعلمه ولا يبدل أخلاقي وأقوالي وأفعالي أو علم لا يحتاج إليه في الدين ولا في تعلمه إذن شرعي ذكره المظهري ‏(‏ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع‏)‏ أي لا تقنع بما آتاها اللّه ولا تفتر عن الجمع حرصاً أو المراد به النهمة وكثرة الأكل ‏(‏ومن دعوة لا يستجاب لها‏)‏ قال العلائي‏:‏ تضمن الحديث الاستعاذة من دنيء أفعال القلوب وفي قرنه بين الاستعاذة من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع إشارة إلى أن العلم النافع ما أورث الخشوع وفيه أن السجع لا يذم لكن إذا حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر بل لكمال فصاحة والتكلف مذموم‏.‏

- ‏(‏حم عبد بن حميد م‏)‏ في الدعوات ‏(‏ن‏)‏ في الاستعاذة ‏(‏عن‏)‏ ابن عمرو أو عامر أو عمارة أو أنيسة ‏(‏زيد بن أرقم‏)‏ بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح القاف غير منصرف بن زيد بن قيس الخزرجي شهد الخندق وما بعدها ورواه عنه أيضاً الترمذي مختصراً قال عبد اللّه بن الحرث قلنا لزيد علمنا فقال لا أعلمكم إلا ما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعلمنا فذكره‏.‏

1559 - ‏(‏اللّهم اغفر لي خطيئتي‏)‏ أي ذنبي ‏(‏وجهلي‏)‏ أي ما لم أعلمه ‏(‏وإسرافي في أمري‏)‏ أي مجاوزتي الحد في كل شيء ‏(‏وما أنت أعلم به مني‏)‏ مما علمته وما لم أعلمه‏.‏

‏(‏اللّهم اغفر لي خطئي وعمدي‏)‏ وهما متقابلان ‏(‏وهزلي وجدي‏)‏ هما متضادان ‏(‏وكل ذلك عندي‏)‏ ممكن أي موجود أي أنا متصف بهذه الأمور فاغفرها لي قاله تواضعاً أو أراد ما وقع سهواً أو ما قبل النبوة أو محض مجرد تعليم لأمته‏.‏

‏(‏اللّهم اغفر لي ما قدمت‏)‏ قبل هذا الوقت من التقدمة وهي وضع الشيء قداماً وهي جهة القدام الذي هو الإمام فالتجاه أي قبالة الوجه قاله الحراني ‏(‏وما أخرت‏)‏ عنه ‏(‏وما أسررت‏)‏ أي أخفيت ‏(‏وما أعلنت‏)‏ أظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني قاله تواضعاً وإجلالاً للّه تعالى أو تعليماً لأمته وتعقب في الفتح الأخير بأنه لو كان للتعليم فقط كفى فيه أمرهم بأن يقولوا فالأولى أنه للمجموع ‏(‏أنت المقدم‏)‏ أي بعض العباد إليك بتوفيق الطاعة أو أنت المقدم لي بالبعث في الآخرة ‏(‏وأنت المؤخر‏)‏ بخذلان بعضهم عن التوفيق فتؤخره عنك أو أنت المؤخر لي بالبعث في الدنيا أو أنت الرافع والخافض أو المعز والمذل ‏(‏وأنت على كل شيء قدير‏)‏ أي أنت الفعال لكل ما تشاء ولذا لم يوصف به غير الباري ومعنى قدرته على الممكن الموجود حال وجوده أنه إن شاء أبقاه وإن شاء أعدمه ومعنى قدرته على المعدوم حين عدمه أنه إن شاء إيجاده أوجده وإلا فلا، وفيه أن مقدور العبد مقدور للّه حقيقة لأنه شيء

- ‏(‏ق‏)‏ في الدعوات ‏[‏ص 155‏]‏ ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري ورواه عنه البيهقي وغيره أيضاً‏.‏

1560 - ‏(‏اللّهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها‏)‏ بحذف إحدى التاءين للتخفيف ‏(‏لك مماتها ومحياها‏)‏ أي أنت المالك لإحيائها ولإماتتها أي وقد ثبت أنه لا مالك لهما غيرك ‏(‏فإن أحييتها فاحفظها‏)‏ أي صنها عن التورط فيما لا يرضيك ‏(‏وإن أمتها فاغفر لها‏)‏ ذنوبها فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ‏(‏اللّهم إني أسألك‏)‏ أطلب منك ‏(‏العافية‏)‏ السلامة في الدين من الافتنان وكيد الشيطان والدنيا من الآلام والأسقام‏.‏ وختم المصنف الأدعية بهذا الدعاء لمناسبته لافتتاحها بخبر لا عيش إلا عيش الآخرة من حديث خالد بن عبد اللّه بن الحرث‏.‏

- ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه عنه النسائي أيضاً قال خالد سمعت عبد اللّه بن الحرث يحدث عن ابن عمر أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول ذلك فقال له رجل سمعت هذا من عمر فقال من خير من عمر، من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

1561 - ‏(‏ألبان البقر شفاء‏)‏ من الأمراض السوداوية والغم والوسواس ويحفظ الصحة ويرطب البدن ويطلق البدن باعتدال وشربه بالعسل ينقي القروح الباطنة وينفع من كل سم ولدغ حية وعقرب وتفصيله في الطب ‏(‏وسمنها دواء‏)‏ إذ هو ترياق السموم المشروبة كما في الموجز وغيره ‏(‏ولحومها داء‏)‏ مضرة بالبدن جالبة للسوداء‏.‏ قال في الإرشاد‏:‏ عسير الهضم يولد أخلاطاً غليظة وأمراضاً سوداوية كسرطان وجرب وقوبا وجذام وداء الفيل وحمى الربع ويغلظ الطحال‏.‏

- ‏(‏طب عن ملكية‏)‏ بالتصغير ‏(‏بنت عمرو‏)‏ الزيدية أو السودية الجعفية قال في التقريب كأصله يقال لها صحبة ويقال تابعية من الطبقة الثالثة ورواه عنها البهيقي أيضاً وفيه ضعف‏.‏

1562 - ‏(‏البس‏)‏ ندباً ‏(‏الخشن الضيق‏)‏ من الثياب ونحوها ‏(‏حتى لا يجد العز‏)‏ يعني الكبر والأشر والبطر والترفع على الناس ‏(‏والفخر‏)‏ ادعاء العظمة والشرف ‏(‏فيك مساعاً‏)‏ أي مدخلاً فلا تكن كمن قيل فيه ثوب رقيق نضيف وجسم خبيث سخيف وأشار بقوله حتى إلخ إلى أن سر الأمر بلبسه وقصد كسر النفس وفطمها عن زي الخيلاء والفخر فلا يعارضه قول الفقهاء يكره لبس الخشن لغير مصلحة لأن لبسه بذلك القصد مصلحة‏.‏ وقيل لإياس بن معاوية‏:‏ إنك لا تبالي ما لبست قال‏:‏ لئن ألبس ثوباً يقي نفسي أحب إلي من أن ألبس ثوباً أقيه بنفسي قال الغزالي‏:‏ روي أن عيسى عليه السلام توسد حجراً فمر به إبليس وقال‏:‏ يا عيسى رغبت في الدنيا فأخذه من تحت رأسه ورماه به وقال‏:‏ هذا لك مع الدنيا‏.‏ ورأى العارف الرفاعي رضي اللّه تعالى عنه فقيراً يهندم ثوبه ويصفف عمامته على التناسب فقال‏:‏ يا ولدي هذا خروج عن طريق الإرادة ومن كلامهم إذا رأيت المريد في زيه لبق فاعلموا أنه عن الاستقامة زلق‏.‏

- ‏(‏ابن مئدة‏)‏ الحافظ أبو القاسم في الصحابة من طريق بقية عن حسان بن سليم عن عمرو بن سلمة ‏(‏عن أنيس‏)‏ بن الضحاك وظاهر صنيعه أنه لم يره لأحد من المشاهير وليس كذلك فقد خرجه أبو نعيم والديلمي من حديث أبي ذر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأبي ذر يا أبا ذر البس إلخ ثم قال أعني ابن مئدة غريب وفيه إرسال انتهى‏.‏ وحكاه ابن حجر عنه وأقره‏.‏ قال أبو حاتم‏:‏ وأنيس هذا لا يعرف قال ابن حجر وجزم ابن حبان وابن عبد البر بأنه الذي قال له النبي صلى اللّه عليه وسلم اغد يا أنيس على امرأة هذا ‏.‏الحديث‏.‏

1563 - ‏(‏البسوا‏)‏ بفتح الموحدة ‏(‏الثياب البيض‏)‏ يعني آثروا ندباً الملبوس الأبيض في كل زمن ‏[‏ص 156‏]‏ على غيره من نحو ثوب وعمامة ورداء وإزار وغيرها حيث لا عذر ‏(‏فإنها أطهر‏)‏ لأنها تحكي ما يصيبها من النجس عيناً وأثراً ‏(‏وأطيب‏)‏ لغلبة دلالتها على التواضع والتخشع وعدم الكبر والعجب فجعله من عطف أحد الرديفين على الآخر قصور ولهذه الأطيبية ندب إيثارها في المحافل كشهود جمعة وحضور مسجد ولقاء الملائكة ولذلك فضلت في التكفين كما قال ‏(‏وكفنوا فيها موتاكم‏)‏ ندباً مؤكداً ويكره التكفين في غير أبيض‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في اللباس ‏(‏ن‏)‏ في الزينة ‏(‏ه‏)‏ في اللباس ‏(‏ك‏)‏ فيه كلهم ‏(‏عن سمرة‏)‏ قال الترمذي حسن صحيح وقال الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

1564 - ‏(‏التمس‏)‏ أيها الطالب للتزويج شيئاً تجعله صداقاً ‏(‏ولو‏)‏ كان إنما تجد ‏(‏خاتماً‏)‏ كأنه قال التمس شيئاً على كل حال وإن قل فإنه لما أمر بالالتماس أمراً مطلقاً خشي توهم خروج خاتم الحديد عن الملتمسات فأكد دخوله فيها بالواو المدخلة ما بعدها فيما قبلها فنصب بإضمار فعل دل عليه ما قبله‏.‏ قال التوربشتي‏:‏ وخاتم الحديد وإن نهى عن التختم به لكنه لم يدخل بذلك في جملة ما لا قيمة له وفي بعض نسخ مسلم ولو خاتم أي ولو هو خاتم أو ولو فص خاتم ‏(‏من حديد‏)‏ وفيه أنه ينبغي أن لا يعقد نكاح إلا بصداق لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة لو طلقت قبل دخول وأنه غير مقدر فيجوز بأقل متمول أو خاتم الحديد غالية القلة فهو رد على مالك في جعله أقله ما يجب فيه القطع وأبي حنيفة عشرة دراهم وحل نكاح المعسر واتخاذ خاتم حديد وغير ذلك ‏(‏تتمة‏)‏ قال في شرح اللمع سمي الحديد حديداً لأن الحد لغة المنع وهو يمنع من وصول السلاح إلى البدن وسمي البواب والسجان حداداً لمنعه من في المحل من الخروج‏.‏

- ‏(‏حم ق د عن سهل بن سعد‏)‏ ظاهره أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة والأمر بخلافه بل رواه الجماعة كلهم بألفاظ متقاربة‏.‏

1565 - ‏(‏التمسوا الجار قبل الدار‏)‏ أي قبل شرائها، هكذا جاء في رواية القضاعي يعني اطلبوا حسن سيرته وابحثوا عنها‏.‏ وقال الراغب‏:‏ قيل لرابعة ألا تسألين اللّه الجنة فقالت‏:‏ الجار ثم الدار ‏(‏والرفيق قبل الطريق‏)‏ أي أعد لسفرك رفيقاً قبل الشروع فيه فإن لكل مفازة غربة وفي كل غربة وحشة وبالرفيق تذهب الوحشة ويحصل الأنس ومن ثم قيل ما أضيق الطريق على من لم يكن له رفيق ثم إنه ليس كل رفيق يكفي في الرفقة بل لابد من المشاكلة والمجانسة ومن ثم قيل انظر من ترافق أو تجالس فقل نواة طرحت مع حصاة إلا أشبهتها ومما يعزى لعلي كرم اللّه وجهه‏:‏

لا تصحب أخا الجهل * وإياك وإياه * فكم من جاهل أردى * حليماً حين آخاه

يقاس المرء بالمرء * إذا ما المرء ما شاء * وللشيء على الشيء * مقاييس وأشباه

وللقلب على القلب * دليل حين يلقاه

قال الكمال‏:‏ والالتماس الطلب مع التساوي بين الآمر والمأمور في الرتبة وذهب الصوفية إلى أن المراد بالرفيق الشيخ الذي يؤخذ عنه والطريق ما يمشي فيه السالك ويقطعه بالمعاملات والمقامات والأحوال والمعارف لأن في المعارف والأحوال الإسفار عن أخلاق المسافرين ومراتب العلم ومنازل الأسماء والحقائق ولذلك استحقت هذا اللقب ولما كان الإنسان مجموع العالم ونسخة الحضرة الإلهية التي هي ذات وصفات وأحوال احتاج إلى مطرّق يطرّق له السلوك إليها والسفر فيها ليرى العجائب ويقتني العلوم والأسرار فإنه سفر تجارة والمطرق الرفيق الذي هو الشيخ والطريق هي الشريعة فمن سافر بغير رفيق ثقة ضل وأضل ومن سافر بشيخ ثقة وصل إلى الحقيقة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث عثمان بن عبد اللّه الطرائقي عن أبان بن مجير عن سعيد بن معروف ‏(‏عن‏)‏ أبيه ‏(‏رافع بن خديج‏)‏ بفتح المعجمة الحارثي الأنصاري الأوسي وكذا رواه عنه ابن أبي خيثمة والأزدي والعسكري والخطيب في الجامع وعثمان هذا قال ‏[‏ص 157‏]‏ ابن خير كذاب وفي الميزان في ترجمة سعيد هذا قال الأزدي لا تقوى به حجة وأبان متروك ثم ساق الخبر، وقال الكمال ابن أبي شريف رضي اللّه عنه الحديث منكر ساقه الأزدي في ترجمة سعيد وقال لا يقوم به حجة لكن الحل فيه ليس عليه بل على أبان فإنه متروك وسعيد وأبوه لم يخرج لهما في السنة ولا فيما ذيل عليه‏.‏

1566 - ‏(‏التمسوا الخير‏)‏ اطلبوه ‏(‏عند حسان الوجوه‏)‏ حال طلب الحاجة، فرب حسن الوجه ذميمة عند الطلب وعكسه قال ابن رواحة أو حسان‏:‏

قد سمعنا نبينا قال قولا * هو لمن يطلب الحوائج راحه

اغدوا واطلبوا الحوائج ممن * زين اللّه وجهه بالصباحه

- ‏(‏طب عن أبي حفصة‏)‏ بمعجمة ثم مهملة الكندي وهو جد يزيد بن خصيفة قال الهيثمي رواه الطبراني من طريق يحيى بن زيد بن عبد الملك النوفلي عن أبيه وكلاهما ضعيف‏.‏

1567 - ‏(‏التمسوا الرزق بالنكاح‏)‏ أي التزوج فإنه جالب للبركة جارّ للرزق موسع إذا صلحت النية‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ والرزق الحظ والنصيب مطعوماً أو مالاً أو علماً أو ولداً أو غيرها‏.‏ قال في الإتحاف‏:‏ هذا الخبر وخبر تزوجوا النساء فإنهن يأتين بالمال يدل على ندب التزويج للفقير ومذهب الشافعي رضي اللّه تعالى عنه ندبه قدرته على المؤنة والأوجه أن الناس أقسام قسم واجد وقسم غير واجد وهو واثق للّه وقسم غير واثق وليس له ثقة فيستحب للواثق دون غيره‏.‏

- ‏(‏فر‏)‏ من حديث مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ومسلم بن خالد‏.‏ قال الذهبي في الضعفاء قال البخاري وأبو زرعة منكر الحديث قال السخاوي وشيخه ضعيف لكن له شواهد عن ابن عباس‏.‏

1568 - ‏(‏التمسوا الساعة التي ترجى من يوم الجمعة‏)‏ أي التي ترجى إجابة الدعاء فيها ‏(‏بعد العصر إلى غيبوبة الشمس‏)‏ أي سقوط جميع القرص وقد اختلف فيها على أقوال أحدها أنها كانت ثم رفعت‏.‏ الثاني أنها موجودة لكن في جمعة واحدة في السنة‏.‏ الثالثة أنها مخفية في جميع اليوم كليلة القدر في العشر‏.‏ الرابع أنها تنتقل في يومها ولا تلزم ساعة معينة ورجحه الغزالي والطبري‏.‏ الخامس إذا أذن المؤذن لصلاة الغداة‏.‏ السادس من الفجر إلى الشمس‏.‏ السابع مثله، وزاد من العصر إلى المغرب‏.‏ الثامن مثله وزاد ما بين نزول الإمام من المنبر إلى أن يكبر‏.‏ التاسع أول ساعة بعد طلوع الشمس‏.‏ العاشر عند طلوع الشمس‏.‏ الحادي عشر ما بين ارتفاع الشمس من شبر إلى ذراع‏.‏ الثاني عشر في آخر ساعة ثالثة من النهار‏.‏ الثالث عشر من الزوال إلى مصير الظل نصف ذراع‏.‏ الرابع عشر إلى أن يصير الظل ذراعاً‏.‏ الخامس عشر إذا زالت الشمس‏.‏ السادس عشر إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة‏.‏ السابع عشر من الزوال إلى دخول الإمام المحراب‏.‏ الثامن عشر منه إلى خروج الإمام‏.‏ التاسع عشر من الزوال إلى الغروب‏.‏ العشرون ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة‏.‏ الحادي والعشرون عند خروج الإمام‏.‏ الثاني والعشرون ما بين أن يحرم السعي إلى أن يحل‏.‏ الثالث والعشرون ما بين الأذان إلى انقضاء الصلاة‏.‏ الرابع والعشرون ما بين جلوسه على المنبر إلى انقضاء الصلاة‏.‏ الخامس والعشرون عند التأذين والإحرام والإقامة‏.‏ السادس والعشرون من افتتاح الخطبة إلى فراغها‏.‏ السابع والعشرون إذا بلغ الخطيب المنبر وأخذ في الخطبة‏.‏ الثامن والعشرون عند الجلوس بين الخطبتين‏.‏ التاسع والعشرون عند نزول الإمام من المنبر‏.‏ الثلاثون حين تقام الصلاة حتى يقوم الإمام في مقامه، الحادي والثلاثون من إقامة الصلاة إلى تمامها‏.‏ ‏[‏ص 158‏]‏ الثاني والثلاثون في الساعة التي كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصلي فيها الجمعة‏.‏ الثالث والثلاثون من العصر إلى الغروب‏.‏ الرابع والثلاثون في صلاة العصر‏.‏ الخامس والثلاثون بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار‏.‏ السادس والثلاثون بعد العصر مطلقاً‏.‏ السابع والثلاثون من وسط النهار إلى قرب آخره‏.‏ الثامن والثلاثون من الاصفرار إلى الغروب‏.‏ التاسع والثلاثون آخر ساعة من العصر‏.‏ الأربعون بعد العصر مطلقاً‏.‏ الحادي والأربعون من حين يغيب بعض القرص إلى تكامل الغروب‏.‏ وصوَّب النووي أنها ما بين قعود الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة وفائدة إبهامها كليلة القدر الحث على إكثار الصلاة والدعاء ولو تعينت لاتكل الناس وتركوا ما عداها‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الجمعة ‏(‏عن أنس‏)‏ وفال غريب ومحمد بن أبي حميد أحد رواته مضعف من قبل حفظه يقال له حماد بن أبي حميد ويقال إبراهيم الأنصاري وهو منكر الحديث انتهى‏.‏ وقال ابن حجر في الفتح إسناده ضعيف‏.‏

1569 - ‏(‏التمسوا‏)‏ اطلبوا فاستعير للطلب اللمس ‏(‏ليلة القدر‏)‏ أي القضاء والحكم بالأمور سميت به لعظم منزلتها وقدرها وشرفها ولما تكتبه فيها الملائكة من الأقدار التي تكون منها إلى السنة القابلة، والقدر والتقدير إظهار كمية الشيء أو لأن من أتى فيها بالطاعات صار ذا قدر ولأن الطاعة لها قدر زائد فيها ‏(‏في أربع وعشرين‏)‏ أي ليلة وهذا مذهب الحبر وبلال والحسن وقتادة قال الحرالي‏:‏ ويحصل الاطلاع عليها بكشف خاص لأهل الخلوة أو آيات بينة لأهل التبصرة أو بأية بادية لأهل المراقبة كلاً على وجه حكمته وخلوته واستغراق ذكره في صومه‏.‏

- ‏(‏محمد بن نصر في الصلاة‏)‏ أي في كتاب الصلاة عنه ‏(‏عن ابن عباس‏)‏‏.‏

1570 - ‏(‏التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين‏)‏ لا يناقضه الأمر بالتماسها في أربع وعشرين وغيره لأنه لم يحدث بميقاتها مجزوماً فذهب كل واحد من الصحب بما سمعه أو رآه هو ولم يؤذن له في الكشف عنه قال الشافعي رضي اللّه عنه كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يجيب على نحو ما يسأل يقال له نلتمسها في ليلة كذا فيقول التمسوها في ليلة كذا فعلى هذا تنوع إخبار كل فريق من العلم انتهى، وميله رضي اللّه تعالى عنه إلى أنها ليلة الحادي أو الثالث وعشرين وأنها تلزم ليلة بعينها وذهب الأكثر إلى سبع وعشرين ويحتمل أن فريقاً منهم علمها بتوقيف ولم يؤذن له بالكشف لما في عدم تعينها للعموم من حكمة بالغة ليزدادوا جداً واجتهاداً في التحري‏.‏

- ‏(‏طب عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان بن حرب قال الهيثمي رجاله ثقات‏.‏

1571 - ‏(‏التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان‏)‏ قال الطيبي‏:‏ يحتمل ليلة تسع وعشرين أو السلخ رجحنا الأول لقرينة الأوتار انتهى وأنت خبير بأنه ليس في اللفظ ما يحتمل ليلة تسع أصلاً فهذا الاحتمال فيه إشكال قال في شرح المهذب وليلة القدر من خصائصنا قال وأجمع من يعتد به على دوامها ووجودها إلى آخر الدهر ويراها ويتحققها من شاء اللّه من بني آدم كل سنة في رمضان وإخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصى وقول المهلب لا تمكن رؤيتها حقيقة غلطة وحكمة إخفائها كما في الكشاف أن من أرادها أحيا ليالي كثيرة طلباً لموافقتها فتكثير عبادته وأن لا يتكل الناس على إصابة الفضل فيها فيفرطوا فيها‏.‏

- ‏(‏ابن نصر‏)‏ محمد في الصلاة ‏(‏عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان يرفعه‏.‏

قال السهروردي تبعاً للحكيم الترمذي‏:‏ خلق اللّه بحراً تحت العرش سماه بحر الحياة وجعل فيه حياة كل شيء وجمع أرزاق الخلق في ذلك البحر فإذا كان ليلة القدر أخرج أرزاق جميع المرتزقة من خلقه في تلك الليلة إلى مثلها من قابل فإذا نفد ذلك البحر نفخ في الصور وإليه الإشارة بقوله تعالى ‏{‏وفي السماء رزقكم وما توعدون‏}‏ ثم أقسم ‏[‏ص 159‏]‏ ‏{‏فورب السماء والأرض إنه لحق‏}‏‏.‏

1572 - ‏(‏ألحدوا‏)‏ أي شقوا جانب القبر مما يلي القبلة شقاً وضعوا فيه الميت‏.‏ قال النووي‏:‏ وهو بوصل الهمزة وفتح الحاء ويجوز بقطعها وكسر الحاء ‏(‏ولا تشقوا‏)‏ أي لا تحفروا في وسطه وتبنوا جانبيه وتسقفوه من فوقه ‏(‏فإن اللحد لنا‏)‏ أي هو الذي نؤثره ونختاره ‏(‏والشق لغيرنا‏)‏‏(‏1‏)‏ أي هو اختيار من قبلنا من الأمم واستفدنا أن اللحد فضل وليس فيه النهي عن الشق‏.‏ قال الطيبي‏:‏ ويحتمل أن ضمير الجمع نفسه أي أوثر لي اللحد وهو إخبار عن الكائن فيكون معجزة‏.‏اهـ‏.‏ ولا يخفى تكلفه‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا الطيالسي ‏(‏عن جرير‏)‏ بن عبد اللّه وفيه عثمان بن عمير أورده الذهبي في الضعفاء‏.‏

-------------

‏(‏1‏)‏ ‏[‏واستدلال المناوي هو من سياق الحديث، الذي يفهم منه أن اللحد هو الذي نؤثره، والشق هو اختيار غيرنا من الأمم، فقد اشترط العلماء للتحريم إما النص على الحرمة كقول ‏"‏حرم عليكم‏"‏ وإما الوعيد بالعقاب، بشرط صحة الحديث وكونه قطعي الدلالة، أي لا يقبل احتمالا آخرا، وهذان الشرطان غير موجودان في هذا الحديث‏.‏ وانظر الحديث 1422 و 2964 بشأن ورود صيغة الأمر لغير الوجوب‏.‏ دار الحديث‏]‏

-------------

1573 - ‏(‏ألحد لآدم‏)‏ أي عمل له شق في جانب القبر ليوضع فيه عند موته ‏(‏وغسل‏)‏ بعد موته ‏(‏بالماء وتراً‏)‏ أي ثلاثاً أو خمساً أو تسعاً وصلى عليه ووضع في لحده ‏(‏فقالت الملائكة‏)‏ أي من حضره منهم أو من في الأرض منهم ويحتمل العموم أي قال بعضهم لبعض ‏(‏هذه سنة ولد آدم من بعده‏)‏ أي كل من مات منهم يفعل ذلك وقولهم ذلك يحتمل كونه ناشئاً عن اجتهاد أو أن ثبوت الحكم للأصل يستنبع الفرع ويحتمل بأمر إلهي أو رأوه في اللوح المحفوظ أو في صحفهم أو في غير ذلك‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبيِّ‏)‏ بن كعب ورواه عنه الديلمي‏.‏

1574 - ‏(‏الحقوا الفرائض‏)‏ أي الأنصباء المقدرة في كتاب اللّه وهي النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما ‏(‏بأهلها‏)‏ أي من يستحقها بنص التنزيل في رواية اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب اللّه على وفق ما أنزل اللّه في كتابه ‏(‏فما بقي فهو الأولى‏)‏ بفتح الهمزة واللام بينهما واو ساكنة أفعل تفضيل من الولي بالسكون القرب بأي فهو الأقرب ‏(‏رجل‏)‏ من عصبات الميت ‏(‏ذكر‏)‏ احتراز عن الخنثى فإنه لا يجعل عصبة ولا صاحب فرض جزماً بل يعطى أقل النصيبين وقيل ذكر ذكر بعد رجل لسان أن العصبة ترث ولو صغاراً رداً على الجاهلية حيث لم يعطوا إلا من في حد الرجولية والمحاربة وقيل ذكر وصف الأولى لا لرجل والأولى بمعنى القريب الأقرب فكأنه قال هو لقريب الميت ذكر من قبل رجل وصلب لا من بطن ورحم فالأولى من حيث المعنى مضاف إلى الميت فأفاد به نفي الإرث عن الأولى من قبل الأم كالخال ذكره السهيلي‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وأوقع الموصوف مع الصفة كأنه قيل فما بقي فهو لأقرب عصبة‏.‏

- ‏(‏حم ق ت عن ابن عباس‏)‏ ظاهره أنه لم يروه من الستة إلا الثلاثة والأمر بخلافه فقد عزاه جمع منهم المناوي للجماعة إلا ابن ماجه‏.‏

1575 - ‏(‏الزم‏)‏ بكسر فسكون ففتح ‏(‏بيتك‏)‏ أي محل سكنك بيتاً أو خلوة أو غيرهما قاله لرجل استعمله على عمل فقال يا رسول اللّه خر لي، فعلي هذا فالمراد بلزوم البيت الانجماع عن الناس والعزلة، واحتج به من ذهب إلى ان العزلة أفضل من مخالطة الناس وذهب جمع إلى عكسه والمسألة مشهورة فيها كتب مفردة من الجانبين ورجح ابن أبي حمزة أفضلية العزلة لأهل البداية دون غيرهم أخذاً من خلوة المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم أولاً بغار حراء وتأويل البعض الزم بيتك‏:‏ قلبك - متكلف‏.‏

قال بعض الحكماء إذا هرب الحكيم من الناس فاطلبه وإذا طلبهم فاهرب منه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب فيه الفرات بن أبي الفرات قال في الميزان عن ابن معين ليس بشيء وعن ابن عدي الضعف بين على رواياته ثم أورد له هذا الخبر انتهى‏.‏ وذكر نحوه الحافظ العراقي‏.‏

‏[‏ص 160‏]‏ 1576 - ‏(‏الزم‏)‏ ندباً ‏(‏نعليك قدميك‏)‏ بأن لا تخلعهما لإرادة الجلوس لنحو الصلاة ‏(‏فإن خلعتهما‏)‏ ولا بد ‏(‏فاجعلهما‏)‏ ندباً ‏(‏بين رجليك ولا تجعلهما‏)‏ أي ولا ينبغي أن تجعلهما ‏(‏عن يمينك‏)‏ صوناً لها عما هو محل الأذى والقذر ‏(‏ولا عن يمين صاحبك‏)‏ يعني مصاحبك في الجلوس ‏(‏ولا وراءك‏)‏ أي وراء ظهرك ‏(‏فتؤذي‏)‏ أي لئلا تؤذي بهما ‏(‏من خلفك‏)‏ من الناس فإن فعلت ذلك بقصد الإضرار أثمت قطعاً وبدونه خالفت الأدب‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ وفيه عبد الرحمن المحاربي أورده الذهبي في الضعفاء ووثق‏.‏

1577 - ‏(‏الزموا هذا الدعاء‏)‏ أي داوموا عليه وهو ‏(‏اللّهم إني أسألك باسمك الأعظم ورضوانك الأكبر‏)‏ أي رضاك الأعظم الأفخم الذي يغلب سخطك ‏(‏فإنه اسم من أسماء اللّه‏)‏ التي إذا سئل بها أعطى وإذا دعي بها أجاب قال الحليمي‏:‏ ويؤخذ من هذا أنه ينبغي للمرء أن يدعوه بأسمائه الحسنى ولا يدعوه بما لا يخلص ثناء وإن كان في نفسه حقاً‏.‏ قال تعالى ‏{‏وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها‏}‏ والرضوان بكسر الراء وضمها لغة قيس وتميم بمعنى الرضا، وهو خلاف السخط وفي الاسم الأعظم أقوال لا تكاد تحصى أفردها خلق بالتأليف ‏(‏البغوي وابن قانع‏)‏ كلاهما في معجم الصحابة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ كلهم ‏(‏عن حمزة بن عبد المطلب‏)‏ بن هاشم أبي يعلى أو أبي عمارة كني بابنته وهو خال الزبير وأمه بنت عم آمنة أمّ المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وهي هالة بنت أهيب‏.‏

1579 - ‏(‏ألظوا بياذا الجلال والإكرام‏)‏ بفتح الهمزة وكسر اللام وبظاء معجمة مشددة أي الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها كذا في الرياض وفي رواية سندها قوي من حديث ابن عمر ألحوا بحاء مهملة ثقيلة وكل منها بفتح الهمزة وكسر اللام ومعناها متقارب ذكره ابن حجر وأيما كان فالمراد دوموا على قولكم ذلك في دعائكم واجعلوه هجيراكم لئلا تركنوا أو تطمئنوا لغيره، قال الزمخشري‏:‏ ألظ وألب وألج أخوات في معنى اللزوم والدوام ويقال ألظ المطر بمكان كذا أو أتتني ملظتك أي رسالتك التي ألححت فيها قال‏:‏

وبلغ بني سعد بن بكر ملظة * رسول امرىء بادي المودّة ناصح

ويقال فلان ملظ بفلان وذلك إذا رأيته لا يسكن عن ذكره ويقال للغريم اللزوم ملظ على مفعل إلى هنا كلامه ومعنى ذا الجلال استحقاقه وصف العظمة ونعت الرفقة عزاً وتكبراً عن نعت الموجودات فجلاله صفة استحقها لذاته والإكرام أخص من الإنعام إذ الإنعام قد يكون على غير المكرم كالعاصي والإكرام لمن يحبه ويعزه ومنه سمي ما أكرم اللّه به أولياءه مما يخرج عن العادة كرامات فندب المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إلى الإكثار من قولك يا ذا الجلال في الدعاء ليستشعر القلب من دوام ذكر اللسان ويقر في السر تعظيم اللّه وهيبته ويمتلىء الصدر بمراقبة جلاله فيكرمه في الدنيا والآخرة‏.‏

- ‏(‏ت عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏حم ق ك‏)‏ وصححه كلهم من طريق يحيى بن حسان ‏[‏ص 161‏]‏ شيخ من أهل بيت المقدس ‏(‏عن ربيعة بن عامر‏)‏ بن نجاد يعد في أهل فلسطين قال الترمذي حسن غريب وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وفي الإصابة عن ابن عبد البر لا يعرف لربيعة هذا إلا هذا الحديث من هذا الوجه‏.‏

1578 - ‏(‏الزموا الجهاد‏)‏ أي محاربة الكفار لإعلاء كلمة الجبار ‏(‏تصحوا‏)‏ أي فإن لزومه يورث صحة الأبدان ‏(‏وتستغنوا‏)‏ بما يفتح اللّه عليكم من الفيء والغنيمة وفي إفهامه أن عدم ملازمته يوهن ويفقر وذلك لأن الكف عنه يقوي العدو ويسلطهم على إهلاك أموال المسلمين ودمائهم‏.‏

- ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ بإسناد ضعيف‏.‏

1580 - ‏(‏ألق‏)‏ ندباً ‏(‏عنك‏)‏ أيها الجائي إلينا وقد أسلم ‏(‏شعر الكفر‏)‏ أي أزله بحلق وغيره كقص ونورة والحلق أفضل قال القاضي‏:‏ والإلقاء طرح الشيء وهو شامل لشعر الرأس وغيره كشارب وإبط وعانة وقيس به قلم ظفر وغسل ثوب وما يلي جسده أكد فإن لم يكن له شعر أمرَّ الموسى عليه كالحج‏.‏ قال في المطامح‏:‏ وأخذ منه الصوفية حلق رأس المريد إذا تاب وهو بدعة ‏(‏ثم‏)‏ وفي رواية بالواو ‏(‏اختتن‏)‏ وجوباً إن أمنت الهلاك وخطاب الواحد يشمل غيره حتى يقوم دليل الخصوص وحلمه على الندب في إلقاء الشعر لا يستلزم حمله عليه في الختن وإنما وجب ختانه لأنه شعار الدين وبه يعرف المسلم من الكافر ويحل كشف العورة له بلا ضرورة وأراد هنا الذكر المحقق وقيس به الأنثى أما خنثى مشكل فلا‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ من رواية ابن جريج قال أخبرت عن عثيم تصغيرعثمان ‏(‏بن‏)‏ كثير بن ‏(‏كليب‏)‏ الصحابي الحضرمي أو الجهني عن أبيه عن جده أنه أتى النبي صلى اللّه تعالى عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال الق إلخ قال ابن حجر في التخريج فالصحابي كليب وإنما نسب عثيم في الإسناد إلى جده وقد وقع مبنياً في رواية الواقدي قال ابن القطان فيه انقطاع وعثيم وأبوه مجهولان وقال الذهبي هذا منقطع وقال في الفتح سند الحديث ضعيف‏.‏

1581 - ‏(‏ألهم إسماعيل‏)‏ الذي وقفت عليه في أصول قديمة صحيحة من شعب البيهقي والمستدرك وتلخيصه للذهبي بخطه إبراهيم بدل إسماعيل فليحرر وإنما نشرحه على لفظ إسماعيل ‏(‏هذا اللسان العربي إلهاماً‏)‏ من اللّه تعالى أي ألهم الزيادة في بيانه وإيضاح تبيانه بعد ما تعلم العربية من أهل جرهم ولم تكن لسان أبويه كما يشعر به في البخاري في نزول أمه مكة ومرور رفقة من جرهم فتعلم منهم فالأولية في الخبر الآتي أول من فتق لسانه بالعربية إسماعيل فالمراد بها الأولية المقيدة بزيادة البيان وأحكام إفصاح ذلك اللسان لا الأولية المطلقة فإنها ليعرب بن قحطان‏.‏

- ‏(‏ك هب عن جابر‏)‏ قال الحاكم على شرط مسلم واعترضه الذهبي بأن مداره على إبراهيم بن إسحاق الغسيلي وكان يسرق الحديث انتهى وقال البيهقي عقب إيراده المحفوظ مرسل‏.‏

1582 - ‏(‏ألهوا‏)‏ بضم فسكون فضم ‏(‏والعبوا‏)‏ عطف تفسير أي فيما لاحرج فيه ‏(‏فإني أكره أن يرى‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏في دينكم‏)‏ بالبناء للمجهول أيها المسلمون ‏(‏غلظة‏)‏ شدة وفظاظة‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ وأصل اللّهو كل باطل ألهى عن خير وعما يعني والغلظة مثلثة الغين الفظاظة كما في الصحاح قال الزمخشري‏:‏ من المجاز ‏{‏أخذنا منهم ميثاقاً غليظاً‏}‏ ‏{‏وليجدوا فيكم غلظة‏}‏ وما أغلظ طباعهم، وأغلظ له في القول‏.‏

- ‏(‏هب عن المطلب‏)‏ بتشديد المهملة ‏(‏بن عبد اللّه‏)‏ ابن حنظل المخزومي ثم قال أعني البيهقي هذا منقطع وإن صح فإنه يرجع إلى اللّهو المباح انتهى وفيه مع ذلك يحيى بن يحيى الغساني قال الذهبي في الضعفاء خرجه ابن حبان وعمرو ابن أبي عمرو مولى المطلب أورده أيضاً في الضعفاء وقال لينه يحيى وقال أحمد لا بأس به‏.‏

‏[‏ص 162‏]‏ 1583 - ‏(‏إليك‏)‏ لا لغيرك كما يؤذن به تقديمه ‏(‏انتهت الأماني‏)‏ جمع أمنية وهي تقدير الوقوع فيما يترامى إليه الأمل من منَّا إذا قدر ولذلك تطلق على الكذب وعلى ما يتمنى‏.‏ وقيل هي توقع القلب أمراً يرجو حصوله ‏(‏يا صاحب العافية‏)‏ هكذا أورد المصنف هذا الحديث بهذا اللفظ كما في هذا الموضع ولعل إيراده هكذا ذهول أو سبق قلم فإن لفظ الحديث كما رواه القضاعي وغيره اللّهم إليك انتهت الأماني يا صاحب العافية فهو مصدر بلفظ اللّهم والخطاب فيه للّه تعالى والمعنى وقفت عليك الأمنية فلا تسأل غيرك كذا فسره به في الفردوس قال الحافظ البغدادي فانتهاؤها إليه سبحانه من وجهين أحدهما فرض التوحيد وهو أن كل متمن لا يصل إلى أمنيته إلا بإرادته سبحانه، وقوله إليك إلخ أي الخواطر تبعث إلى الأسباب فتجيب فتشاهد القلوب بصفاء التوحيد عجزها فتسير الأماني عنها حتى تجاوزها إلى سببها فيعكف الهم بين يديه وهذا حال أكثر عوام المؤمنين‏.‏ الثاني وهو للخواص أنهم شرعوا في قطع الأماني عن الدنيا والأخرى وسارت قلوبهم بأمانيها إلى مولاهم لما دعا ‏{‏ففروا إلى اللّه‏}‏ ‏{‏وأن إلى ربك المنتهى‏}‏ فلا إرادة لهم إلا في خدمته ولا تعلق لهم إلا به، قوله يا صاحب العافية‏:‏ أي أنت القادر على العافية من كل بلية ومن سقم وعلاقة ومن كل أمنية لا ينتهى إليها وهم‏.‏ وفي الشعب عن ابن أدهم إذا أردت أن تعرف الشيء بفضله فاقلبه بضده فاذا أنت عرفت فضل ما أوتيت فاقلب العافية بالبلاء تعرف فضل العافية وقيل لبشرالحافي‏:‏ بأي شيء تأكل الخبز قال‏:‏ أذكر العافية وأجعلها إداماً‏.‏

- ‏(‏طس هب عن أبي هريرة‏)‏ قال مخرجه البيهقي نفسه عقب تخريجه في إسناده ضعف انتهى‏.‏ وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني‏:‏ إسناده حسن‏.‏

1584 - ‏(‏أما‏)‏ بتخفيف الميم ‏(‏إن‏)‏ بكسر الهمزة إن جعلت إما بمعنى حقاً‏(‏1‏)‏ وبفتحها إن جعلت استفتاحية ‏(‏ربك يحب المدح‏)‏ وفي رواية الحمد وهذا قاله للأسود بن سريع حين قال يا رسول اللّه مدحت ربي بمحامد ومدح وإياك فقال له أما إن إلخ‏.‏

- ‏(‏حم خد ن ك عن الأسود بن سريع‏)‏ بفتح السين التميمي السعدي صحابي نزل البصرة ومات في أيام الجمل قال الهيثمي أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح‏.‏

--------------------

‏(‏1‏)‏ هذا سهو والصواب العكس لأن إن تكسر بعد أداة الاستفتاح كقوله تعالى ‏{‏ألا إن أولياء اللّه لا خوف عليهم‏}‏ وتفتح بعد حقاً كقول الشاعر‏:‏ أحقاً أن جيرتنا استقنوا‏.‏ كما في مغني اللبيب والظاهر أن السهو وقع من أول ناسخ فعممت النسخ به وإلا فليس مثل هذا مما يخفى على المناوي اهـ‏.‏

---------------------

1585 - ‏(‏أما إن كل بناء‏)‏ من القصور المشيدة والحصون المانعة والغرف المرتفعة، وهو ‏(‏وبال على صاحبه‏)‏ أي سوء عقاب وطول عذاب في الآخرة لأنه إنما يبنيها لذلك رجاء التمكن في الدنيا والتشبيه بمن يتمنى الخلود فيها مع ما فيه من اللّهو عن ذكر اللّه والتفاخر والتطاول على الفقراء وقد ذم اللّه فاعليه بقوله ‏{‏وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون‏}‏ ‏(‏إلا ما لا إلا ما لا‏)‏ بد منه لوقاية حر وبرد وستر عيال ودفع لص ونحو ذلك مما لا غنى له عنه ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص فرب بناء ليس وبالاً على إنسان وبال على غيره والأمور بمقاصدها والأعمال بالنيات‏.‏

- ‏(‏د عن أنس‏)‏ قال رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبة مشرفة فقال ما هذه قالوا لفلان فسكت حتى جاء فأعرض عنه فشكا لأصحابه فأخبر الخبر فهدمها فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يرها فسأل فقالوا شكا إلينا صاحبها إعراضك فأخبرناه فهدمها فذكره قال ابن حجر رجاله موثوقون إلا الراوي عن أنس وهو أبو طلحة الأسدي غير معروف وله شواهد عن وائلة عند الطبراني‏.‏

1586 - ‏(‏أما إن كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما كان في مسجد أو أو أو‏)‏ أي أو كان في مدرسة مثلاً أو كان ‏[‏ص 163‏]‏ في رباط أو كان في خان مسبل ونحو ذلك مما يقصد به البر والإحسان كصهريج وبئر وقنطرة وحوض وغير ذلك مما قصد ببنيانه التقرب إلى اللّه وما عدا ذلك فهو مذموم شرعاً وعرفاً‏.‏ مر حكيم على بناء فقيل له كيف تراه قال بناء شديد وأمل بعيد وعيش زهيد، وقيل‏:‏ خلق ابن آدم من تراب فهمته في التراب وخلقت المرأة من الرجل فهمتها في الرجل‏.‏

قال الداودي‏:‏ ليس الغرس كالبناء لأن من غرس ونيته طلب الكفاف أو لفضل ما ينال منه ففي ذلك الفضل لا الإثم‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ لاشك أن في الغرس من الأجر من أجل ما يؤكل منه ما ليس في البناء وإن كان في بعض البناء ما فيه أجر كالذي يحصل نفعه بغير الباني فإنه يحصل للباني به الثواب‏.‏

- ‏(‏حم ه عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

1587 - ‏(‏أما إنك‏)‏ أيها الرجل كالذي لدغته عقرب ‏(‏لو قلت حين أمسيت‏)‏ أي دخلت في المساء ‏(‏أعوذ بكلمات اللّه التامات‏)‏ أي التي لا نقص ولا عيب فيها وفي رواية كلمة بالإفراد قال الحكيم وهما بمعنى فالمراد بالجمع الجملة وبالواحدة ما تفرق في الأمور والأوقات ووصفها بالتمام إشارة إلى كونها خالصة من الريب والشبه ‏{‏وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً‏}‏ ‏(‏من شر ما خلق‏)‏ أي من شر خلقه وهو ما يفعله المكلفون من إثم ومضارة بعض لبعض من نحو ظلم وبغي وقتل وضرب وشتم وغيرها من نحو لدغ ونهش وعض ‏(‏لم تضرك‏)‏ بأن يحال بينك وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه قال الحكيم‏:‏ وهذا مقام من يقي له التفات لغير اللّه أما من توغل في بحر التوحيد بحيث لا يرى في الوجود إلا اللّه لم يستعذ إلا باللّه ولم يلتجىء إلا إليه والنبي لما ترقى عن هذا المقام قال أعوذ بك منك والرجل المخاطب لم يبلغ ذلك‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه أيضاً عنه النسائي في يوم وليلة ولم يخرجه البخاري‏.‏

1588 - ‏(‏أما أنه‏)‏ أي من لدغته عقرب فلم ينم ليلته ‏(‏لو قال حين أمسى‏)‏ في تلك الليلة ‏(‏أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق لم يضره لدغ عقرب حتى يصبح‏)‏ لأن الأدوية الإلهية تمنع من الداء بعد حصوله وتمنع من وقوعه وإن وقع لم يضر والدواء الطبيعي إنما ينجع بعد حصول الداء‏.‏